ناديتها ودموعها ... تحكى سوابق عبرتى
والنار من زفراتها ... تحمى تلهب زفرتى
ماذا التجنب والبكا ... ءفأعربت عن قصتى
قالت: فجعت بمن هوي ... ت فمحنتى من منحتى
بالنار فرّق بيننا ... وبها أفرّق حملتى
وقال أيضا:
إذا صال البلى وسطا عليها ... تلقته بذل في التوانى
إذا خضعت تقط بحسن مس ... فتحنى في المقام بلا توانى
كأنى مثلها في كل حال ... أمرت بكم، وتحبينى الأمانى
وقال الفتح بن خاقان «1» فى كتاب العقيان: «ركب عبد الجليل بن وهبون وأبو الحسن غلام البكرى نهر إشبيلية في ليلة أظلم من قلب الكافر، وأشد سوادا من طرف الظبى، ومعها غلام وضىّ قد أطلع وجه البدر ليلة تمامه، على غصن بان من قوامه، وبين أيديهم شمعتان قد أزرتا بنجوم السماء، ومزقتا رداء الظلماء، وموّهتا بذهب، ونورهما لجين الماء، فقال عبد الجليل ارتجالا:
كأنما الشمعتان إذ سمتا ... خدّ غلام محسّن الغيدى
وفي حشا النهر من شعاعهما ... طريق نار الهوى إلى كبدى
وقال غلام البكرى:
أحبب بمنظر ليلة ليلاء ... تجنى بها اللذات فوق الماء
فى زورق يزهو بغرة أغيد ... يختال مثل البانة الغناء
قرنت يداه الشمعتين بوجهه ... كالبدر بين النسر والجوزاء
والتاج فوق الماء ضوء منهما ... كالبرق يخفق في غمام سماء