وينضج في الجوّ فيستحيل أيضا، ويغلظ في اللّيل فيقع عسلا، إلا أنّه يختلف في وقوعه إلى الأرض، فمنه ما يقع عسلا كما هو في بعض الجبال.
ومنه ما يقع على الأشجار والحجارة.
وهذا القسم يختلف بحسب ما يقع عليّه، فما ظهر منه لقطه الناس وما خفى منه تلتقطه النحل. وتتصرف النحل فيما تلقطه منه تأثير، فإنه يلقطه ليغتذى به، وليدخره.
وذكر أرسطو أن غذاء النحل من الفضول الحلوة، والرّطوبات، يرشح بها الزّهر والورق، فتجمع ذلك كله، وتدخره، وهو العسل؛ وتجمع مع ذلك رطوبات دسمة تتخذ منها بيوت العسل، وهذه الدسومات هى الشمع، وهى تلقطها بخراطيمها، وتحملها على فخذيها، وتنقلها من فخذيها إلى صلبها.
وقال الكواشى «1» فى «تفسيره» : إن العسل ينزل من السماء فيثبت في أماكن، فتأتى النحل فتشربه، ثم تأتى الخلية فتلقيه في الشمع المهيأ للعسل في الخلية، لا كما يتوهّم بعض النّاس أنّ العسل من فضلات الغذاء، وأنه قد استحال فى المعدة عسلا.
ومن العسل جنس سمّى، من شمّه ذهب عقله، فكيف من أكله.
أجود العسل: الصادق الحلاوة، الطيب الرائحة، مع ميل إلى الحرافة «2» والحمرة، والمتانة، وأن يكون لزجا لا يتقطع، وأن يجنى في الربيع. وأردؤه: ما قطف في الشتاء.
وطبع عسل النحل: حار يابس في الثانية، فيه قوة جالبة، مفتّحة لأفواه العروق، لجلبه الرّطوبات من قعر البدن.
وهو يمنع العفونة والفساد من اللّحم.
وإذا لطّخ به البدن منع القمل، والصئبان، وقتلها.