رأيت بمدينة أوفات أيام عمارتها الموز يباع كل عرجون «1» بربع درهم فيه نحو مائة موزة، ورأيت اللحم يباع كل طابق وهو ثلاثون رطلا بدرهم ونصف، وملك أوفات يحكم على الزيلع، وغالب أهلها شافعية المذهب وكثر فيهم بعهدنا الحنفية، وكلام أهلها باللغة الحبشية، ويتكلمون أيضا بالعربية.
ولهذه المملكة عدّة مدن وملكها يجلس على كرسى ويركب بالحتر «2» والطبل والزمر، وعندهم الفواكه وقصب السكر، ولهم منابت لا تعرف بمصر والشام، منها شجرة يقال لها: جات، لا ثمر لها، يؤكل ورقها وهى تشبه أوراق شجرة النارنج، وهى تزيد في الذكاء وتذكر النسيان وتفرح وتقلل شهوة الأكل والجماع وتقلل النوم لأهل تلك البلاد، فى أكل هذه الشجرة رغبة كثيرة لا سيما أهل العلم، ويجلب إليها الذهب من داموت وسجام وهما معدنان ببلاد الحبش وله معاملتهم.
وطولها خمسة أيام في عرض يومين وأهلها حنفية المذهب ومعاملتهم الحديد، وتسمى الواحدة من تلك الحدايد حنكة- بفتح الحاء المهملة وضم النون والكاف- وهى طول الإبرة والرأس، الغنم بثلاثة آلاف حنكة وهى مجاورة الأوفات.
طولها أربعة أيام وعرضها كذلك وأهلها حنفية، وهى تلى دوارد، وهم كأهلها فى المعاملة وغيرها.
طولها ثمانية أيام وملكها أكثر الجميع عسكرا، وزيهم كزى أهل أرابينى حتى في المعاملة وإليها يجلب الخصيان الخدام الذين يعرفون في أرض مصر بالطواشية، واحدهم طواشى، فإن صاحب أمحرة يمنع من خصى العبيد ويشدد في ذلك، فتأتى بهم السرّاق إلى مدينة وستلوا وأهلها همج لا دين لهم فتخصى بها العبيد، فإنه لا يوافق على ذلك في جميع بلاد الحبشة سواهم، ثم تحمل من يخصى إلى مدينة هدّية فتعاد عليهم الموسى مرة ثانية حتى ينفتح مجرى البول فإنه يكون قد انسد