بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه والتابعين، صلاة باقية إلى يوم الدين ... وبعد:
فهذه مقالة وجيزة في ذكر المعادن قدتها تذكرة لى ولمن شاء الله تعالى من عباده، وبالله أستعين فهو المعين.
اعلم أن الأرض «1» جسم بسيط طبعها بارد يابس وهى متحركة إلى الوسط، وشكها قريب من الكرة، والقدر الخارج منها محدث، وخلقت باردة لأجل الغلظ والتماسك، إذ لولاهما لما أمكن قرار الحيوان على ظهرها «2» ، وحدوث المعادن والنبات في جوفها، وهى ثلاث طبقات: طبقة قريبة من المركز وهى الأرض الصرفة، وطبقة طينية انكشف بعضها وأحاط البحر بالبعض الآخر والأرض الأفلاك «3» وهى واقعة في الوسط، والهواء والماء يحيط بها من جميع الجهات.
والإنسان في أى موضع وقف على سطح الأرض تكون رأسه مما يلى السماء ورجلاه مما يلى الأرض، وهو يرى من السماء نصفها، وإذا انتقل إلى موضع آخر ظهر له من السماء مقدار ما خفى عنه من الجانب الآخر، ولكل تسعة عشر فرسخا «4» فى الأرض درجة من درجات الفلك، والبحر محيط بأكثر وجه الأرض، والمكشوف منها قليل وهو ناء عن الماء على هيئة بيضة غاطسة في الماء، وقد خرج من الماء محدبها، وليست الأرض منتصبة ولا ملساء ولا مستديرة، بل كثيرة الارتفاع والانخفاض، وأما باطنها فكثيرة الأودية والأهوية والكهوف والمغارات، ولها منافذ وخلجانات ممتلئة مياها وبخورات ورطوبات دهنية ينعقد منها الجواهر المعدنية، وتسلك الأبخرة والرطوبات دائما في الاستحالة والتغير والفساد.
وأما ظهرها فكثير الجبال والأودية والجداول والبطاح «5» والآجام «6» والرحال