والحديث أو اللغة قلما يساوي في فهمها والتفقه فيها من يعنى بفهمها دون حفظها، وقد علم بالتجربة أن قوة الاستعداد للحفظ قلما تتفق مع قوة الاستعداد للفهم والحكم في المعاني، فأكثر حفاظ الحديث غير فقهاء فيه، وأكثر الفقهاء غير حفاظ له، وكذا علماء المعقول فقلما تجد في كبارهم حافظًا للحديث والآثار أو من يسمى محدثًا، وقد كان أبو حنيفة يعد أفقه أئمة المذاهب المشهورة وهو أقلهم حفظًا، وكان أحمد بن حنبل أحفظهم، وقد قال فيه الإمام ابن جرير: إنه محدِّث لا فقيه. (?)

بل يُروى أن الشافعي قال لأحمد على ما اشتهر من إجلاله له: ((إذا صح عندكم الحديث فأخبرونا به، فأنتم أعلم بروايته ونحن أعلم بفقهه)) ، أو ما هذا معناه. (?)

5 - إن فائدة حفظ النصوص تبليغها للناس، وإننا نرى المروي عن عمر من الحديث في البخاري (?) ، وفي مسند أحمد أكثر من المروي عن علي (?) ، وهو لم يرو إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وأبي بن كعب، وعلي قد روى عنه وعن أبي بكر والمقداد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015