هذا، وإن العلم الذي يتعلق به القضاء هو الأحكام العملية من شخصية ومدنية وعقوبة، وهو أدنى علوم الدين الإسلامي، وأما أعلاها فهو العلم بالله تعالى وصفاته وبسننه في خلقه من نظام العالم، ويليه العلم بتهذيب النفس وتزكيتها بالعبادات الصحيحة، والعلم بسياسة الأمم وإقامة الحق والعدل فيها، والذين يفضلون عمر على غيره في علوم الإسلام - ولا سيما بعد أبي بكر - يفضلونه بهذه العلوم التي هي في الذروة العليا، وهي ما تثبتها له أعماله وأقواله وأحواله وسياسته وإدارته، ولم يغمطْه أحد حقه في علم الأحكام العملية القضائية أيضًا، وما روي من تفضيل علي لعمر أصح مما روي من قول عمر في علي، وما هما إلا أخوان، ومن مصائب التعصب جعْلهما خصمين يتضادان.

فإن كان قد روي عن عبد الله بن مسعود أنهم كانوا يتحدثون بأن عليًّا كرم الله وجهه كان أقضى أهل المدينة، فقد روي عنه أنه قال لما مات عمر: ((إني لأحسب أنه ذهب بتسعة أعشار العلم)) .

رواه أبو خيثمة في كتاب العلم [رقم: 61] عن جرير عن الأعمش عن إبراهيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015