اللذين ذكرهما وهما مما يحفظه كل شيعي -وكثير من غير الشيعة- ليس لهما رواية صحيحة ولا حسنة، ولو فرضنا صحتهما لما كانا معارضين لقول مَن قال: كان عمر أعلم الصحابة.
أما العلم والقضاء فإنه يجوز عقلاً أن يكون عمر أعلم بأصول الدين ومقاصده وحكمه وسياسته، ولا يكون مع ذلك أقضى الصحابة، وأن يكون علي أقضاهم أي أعلم بالفصل بين الخصوم وتطبيق قضاياهم على أحكام الشرع، ولا يكون مع ذلك أعلم من عمر به (?) ، وقد كان أبو يوسف أقضى من أستاذه أبي حنيفة وزميله محمد بن الحسن ولم يكن أعلم منهما، ومثل هذا كثير مشاهَد في كل زمان.
كان الشيخ محمود نشابة في طرابُلس الشام أعلم من أحمد أفندي سلطان بكل علوم الشرع وكان أحمد أفندي أقضى منه، بل لم يكن الشيخ محمود نشابة علامة سورية في زمنه الذي أدركناه في آخره مستعدًّا لأن يكون قاضيًا.
وأما حديث: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) (?) فليس بينه - على تقدير صحته - وبين ما قاله الكاتب في تفضيل عمر أدنى تعارض ولا منافاة؛ إذ المتبادر من معناه أن عليًّا رضي الله عنه موصل إلى علم