لكانت قيمته في غايته، بمعنى ما كان عن الوحي منذ بدايته، وهذا يؤيد كون ما ذكرناه في تفسير المعية من كونها معية خاصة من نوع المعية التي أيد الله تعالى بها موسى وهارون عليهما السلام، إلا أنها أعلى في ذاتها وشخصها من كل أفراد هذا النوع.
فالمعية الإلهية معنى إضافي يختلف باختلاف موضوعه ومتعلقه، فمعية العلم عامة، كقوله تعالى {ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكبر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم} وهى لا تشريف فيها لأهلها بل هي تهديد لهم؛ وإنذار بأن الله مطلع على كل ما يصدر عنهم، وأنه سيحاسبهم عليه ويجزيهم به.
وأعلى منها معيته تعالى للمتقين والمحسنين، وهي تتضمن معنى التوفيق واللطف كما تقدم، ففيها شرف عظيم.
وأعلى منها معيته عز وجل للأنبياء والمرسلين، في مقام التأييد على الأعداء المناوئين وهي أعلى الأنواع كما علمت، ولم يثبت لأحد من غيرهم حظ منها