نقله إلى حضرة المملكة بالديار المصرية فنُقل وأُوْدِع السجن ساعة حضوره واعتُقِل، وعقدوا لإراقة دمه مجالس، وحشروا لذلك قومًا من عمار الزوايا وسكان المدارس، ما بين مجامل في المنازعة، ومخاتل في المخادعة، ومجاهر بالتكفير مبادر بالمقاطعة، ليسوموه ريب المنون، وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون، وليس المجاهر بكفره بأسوأ حالاً من المخاتل وقد دب إليه عقارب مكره، فردَّ الله كيده في نحره، ونجاه على يد من اصطفاه والله غالب على أمره، ثم لم يخل بعد ذلك من فتنة بعد فتنة، ولم يزل ينتقل طول عمره من محنة إلى محنة، إلى أن فوَّض أمره إلى بعض القضاة، فتقلد ما تقلد من اعتقاله، ولم يزل بمحبسه ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله، وإلى الله تُرجع الأمور، وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وكان يومه مشهودًا ضاقت بجنازته الطريق، وأتى لها المسلمون من كل فجٍ عميق، يتقربون بمشهده يوم يقوم الأشهاد، ويتمسكون بسريره حتى كسروا تلك الأعواد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015