سيدتي أنا لا أشك في أنك تهزلين، وعلى ذلك فَأذَنِي لي بأن أقدم مزحي؛ وذلك أنه يوجد، وأستغفر الله، ثلاثة آلهة إله العرب ويسمى (الله) وإله الألمانيين ويسمى (جوت)، وإله الفرنساويين ويسمى (ديو
فاضطرب الجمع ضاحكاً معتبرين ذلك مزاحاً حرصاً على مزاجها.
ولم نبرح حتى لاحت لنا حدود مملكة بفاريا فنزلنا بلدة تدعى لندو بجزيرة صغيرة قد امتد بينها وبين برِّ هذه المملكة جسر عظيم كبري ولم نلبث بها إلا دقائق، ثم
سرنا بطريق السكة الحديدية، قاصدين مدينة مينك عاصمة هذه المملكة، وفي تلكم الأثناء كان أمامي رجل بالعربة تلوح عليه سيما الوقار، وشمت منه شغفاً بتعرفي، فدار بيننا الحديث، ثم علمت أنه قسيس بروتستانتي من مملكة النمسا، وحينما عرضت عليه اسمي أخذ يتفرس، ثم اندفع قائلاً: أأنت فلان الذي أتى برلين منذ سنتين؟ لقد كنت أحسب أنك ضخم الجسم طويل القامة ذو لحية بيضاء تضرب إلى صدرك، وعمة عظيمة مثل علماء المشرق، فقلت: نعم، كان كذلك القاضي الفاضل رحمة الله عليه.
ثم أخبرني أن أحد القسيسين ببرلين كتب له بشأني، وأنه كان من أمانيه مشاهدتي، والتعرف بي للمباحثة في الدينيات.