ثم ودَّعت بازل باكورة الصباح تقلني الباخرة البرية قاصداً برن، فسارت بنا في أودية مزهرة بين جبال مزدهرة بالزروع والأشجار، تحفها الغدران والأنهار وقد ترامى علينا النسيم بأريجها وعبيرها هذا إلى حسن منظر لم ترَ العيون مثيله، ولم

يكن للفكر أن يتصور عديله، وبينما نحن نمتع النواظر بتلك المناظر إذ تعرض لنا في الطريق جبل شاهق يقال له جبل يورا، فقذف بنا القطار وسط نَقْب فيه طويل المسافة يدعى هرن ستين طوله 2808 أمتار فهالني منظره الذي دلني على أعظم ما فعلته يد الإنسان من نقب ذلك الجبل الباذخ، ولم نزل نهش بأعاجيب تلك الطبيعة إلى أن وصلنا على مدينة برن فنزلت بها للإقامة بحيها، ولا يخفى أنها قصبة كونتينه تدعى باسمها وعاصمة بلاد سويسرا بمعنى أنها مقر اجتماع المجلس العام السويسري، وهي واقعة على رأس صخر رملي يحوم حوله نهر آر فهي شبه جزيرة بالنسبة إليه، واغلب شوارعها مستقيمة، وبناء منازلها جيد، والقديم منها قائم على قناطر يمر تحتها الراجلون، واسمها مشتق من كلمة بير ومعناها الدب باللغة الألمانية وذلك لكثرته بأحيائها، وقد جعلوا صورته علامة على ولايتهم فتراها في أعلامهم وعلى المباني الرسمية لديهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015