رسائل ابن حزم (صفحة 956)

غير أن أهم عبارة تومئ إلى مصدر ابن حزم في المنطق هي قول ابن تيمة " ولتعظيمه يعني ابن حزم المنطق رواه بإسناده إلى متى الترجمان الذي ترجمه إلى العربية " (?) وقد ظلت هذه العبارة مبهمة الدلالة حتى عثرت على مخطوطة إزمير التي احتفظت لنا في ختام كتاب التقريب بنص غاية في الأهمية جلا كل لبس وأماط كل حيرة حول مصدر ابن حزم في المنطق، وقد أوردت في ما تقدم بعض نقولٍ من هذا النص، ولكني أورده هنا كاملاً:

" قال لي الشيخ أبو بكر، قال لي الشيخ أبو عبد الله [يعني الرصافي] ، قال لنا أبو محمد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الفقيه الحافظ: قرأت حدود المنطق على أبي عبد الله محمد بن الحسن المذحجي الطبيب، رحمه الله، المعروف بابن الكتاني، وما رأيت ذهناً أحد منه في هذا الشأن، ولا أكثر تصريفاً له منه، وكان قد قرأه على أبي عبد الله الجبلي الطبيب، وقرأه الجبلي ببغداد على أبي سليمان داود بن بهرام السجستاني، وقرأه داود على متى. ثم قرأته أيضاً على ثابت بن محمد الجرجاني العدوي المكني بأبي الفتوح، وما رأيت في خلق الله عز وجل أعلم بهذا العلم منه، لا أحفظ له منه، ولا أوسع فيه منه، فلما انتهيت إلى أول أقود قطيقا على الجرجاني، حضر معنا عنده محمد بن الحسن اعترافاً للجرجاني تقديماً له، وشهد قراءتي له على الجرجاني؛ وكان الجرجاني قد أخذ هذا العلم عن الحسن [بن] سهل بن السمح (?) ببغداد وأخذه الحسن بن سهل عن متى، وأخبرني ثابت أنه ساكن الحسن في منزل واحد أعواماً ".

هما إذن طريقان ينتهيان إلى متى كما قال ابن تيمة: إحداهما عن طريق ابن الكتاني والأخرى عن طريق ثابت الجرجاني الأستاذين المباشرين لابن حزم، فهما المصدران لما ثقفه في المنطق، ولكن النص لم يذكر اعتمادهما على مؤلفات بأعيانها، وإنما يؤكد قضية الرواية سماعاً، ولهذا لا يبعد أن نفترض أنه رغم الرواية الشفوية كان هذان الأستاذان يعتمدان على جهود متى الذي لقب " المنطقي " لشهرته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015