رسائل ابن حزم (صفحة 909)

- 8 -

[227/أ] رسالة في حكم من

[227/أ] رسالة في (?) حكم من قال: إن أرواح أهل الشقاء معذبة إلى يوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً

قال أبو محمد علي بن احمد رضوان الله عليه: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد عبده ورسوله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

1 - ذكرت - وفقنا الله وإياك لما يرضيه - ما حكم من قال: إن أرواح أهل الشقاء معذبة إلى يوم الدين وقد قال عز وجل في المجرمين {يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشراً} إلى قوله عز وجل {إن لبثتم إلا يوماً} (طه: 103 - 104) فهذا أصلحك الله لا يخالف قول من قال: إنها معذبة إلى يوم الدين لأنه أيضاً نص القرآن، لكنها معذبة في غير نار جهنم. قال الله تعالى {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} (السجدة: 21) وقال تعالى في آل فرعون {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} (غافر: 46) وقال تعالى {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون} (الأنعام: 93) فصح أن النفس معذبة كما ترى من حين موتها إلى يوم القيامة دون الأجساد، فإذا كان يوم القيامة أحيا الله تعالى العظام، وأخرجها من القبور وركب عليها الأجساد ورد إليها الأنفس، ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. وإنما تخافت المجرمون بينهم: {إن لبثتم إلا عشراً} {إن لبثتم إلا يوماً} {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} (يس: 52) لأنه صار العذاب الذي كانوا فيه هيناً يسيراً بالإضافة إلى عذاب جهنم، أعاذنا الله من عذابه. وهذا الذي تتفق به الآيات كلها، وإنما هلك من هلك بأخذه آية وتركه أخرى، وأخذه حديثاً وتركه آخر، وأخذه آية وتركه حديثاً يبينها، وأخذه حديثاً وتركه آية، وهذا خطأ لا يحل، وإنما الفرض على المسلمين أخذ كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن وسنة وضم كل ذلك بعضه إلى بعض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015