رسائل ابن حزم (صفحة 889)

لم يسمعه قط، فيسبق إليه منه قبول [96ب] يسهل عليه الباطل أو نفار يوعر عليه الحق. فمن هذين السعيين تاه أكثر الناس وفارقوا المحجة.

25 - فأقول إليك يا أخي: كان إسلام خيار أهل الأرض بعد النبيين عليهم السلام كخديجة وعائشة أمي المؤمنين، وأبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وبلال، وزيد بن حارثة، وخالد بن سعيد بن العاصي، وعمرو بن عبسة، وعثمان بن عفان، والزبير وطلحة، وزينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية، بنات النبي صلى الله عليه وسلم. فهل ذكر قط أحدهم أو جميعهم أو غيرهم عنهم أنهم لم يسلموا حتى سألوا آيةً وطلبوا معجزة، وعرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم برهاناً هل كان أكثر من أن دعا الإسلام خديجة إلى الإسلام وأبا بكر عليهما الرضوان، فلم تكن لهما كبوة ولا تردد؛ وأما عائشة وعلي وزينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية فهل كان إسلامهم إلا على تدريب الكافل والأبوين ولا مزيد وسكت عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، لأنه قد قيل إنهما لم يسلما إلا بعد معجزة رأياها. فلعمري يا أخي إن قال قائل: إن هؤلاء المذكورين لم يسلم منهم أحد إلا عن معجزة طلبها فعرضت عليه ليقولن ما يشهد قلبه بأنه كاذب فيه ثم لا يبقى أحد في العالم لم يدر شيئاً من السير والأخبار إلا كذبه ودرى أنه كاذب.

26 - تفكر يا أخي كيف أسلم النجاشي وبأذان والمنذر بن ساوى وعباد (?) وجيفر ابنا الجلندى وذو الكلاع وذو ظليم وذو مران وذو زود وهؤلاء ملوك بلادهم (?) ؛ وكيف أسلم الستة من الأنصار، والاثنا عشر، والثلاثة وسبعون الذين هم خيار أهل الأرض. هل طلب واحد منهم معجزة أو رغب آية تفكر في هذا، ودعنا من استبشاع مخالفة هذيان المتكلمين (?) الذين لم ينتج الله تعالى على أيديهم إلا افتراق الكلمة، وتفكير المسلمين بعضهم بعضاً. [97/أ] ألم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (?) " دعوا لي صاحبي فإن الناس قالوا كذبت، وقال أبو بكر صدقت " ولذلك سمي الصديق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015