نؤمن بالله وباليوم الآخر، فهو أعرف بنفسه (?) .
فعلى هذا الوجه يجب قراءة كتب الرأي، لا على ما سواه. فمن قرأها على هذا أجر، وانتفع بها جداً، وأما من قرأها متديناً بها غير عارض لها على القرآن وحديث النبي فهو فاسق، لعصيانه ما أمره الله تعالى به، ولأنه لم يحكم بما انزل الله: فمن جمع إلى هذا استحلال مخالفة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يعتقد صحته عنه عليه السلام لقول أحد دونه، واعتقد ان هذا جائز فهو كافر مشرك مرتد عن الديانة، منسلخ عن الإسلام، حلال الدم والمال. وروينا عن النبي انه قال (?) : " كل أحد يدخل الجنة إلا من أبى. قيل: يا رسول الله ومن يأبى قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ". ولا يحسبوا أني سبقت إلى هذا القول، فمعاذ الله ان أقول ما لم يقله الله تعالى ورسوله، قال الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} (النساء: 65) . فأنا أقول: والله ما آمن من حكم غير رسول الله في دينه.
واعلموا أيضاً أن هذا الذي قلت هو رأي الشافعي ومالك وإسحاق بن راهويه، فإنه بلغني عن مالك، رحمه الله، انه سأله سائل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في رجل قيل له: قال النبي كذا، فقال هو: قال إبراهيم النخعي كذا فقال مالك: أرى أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وبلغني عن الشافعي، رحمه الله، انه ذكر يوماً حديثاً عن النبي عليه السلام [246 ب] فقال له إنسان: يا أبا عبد الله، أتأخذ بهذا الحديث فقال له الشافعي: أرأيت يا هذا علي زناراً خارجاً من كنيسة تسمعني أحدث عن النبي صلى الله [عليه] وسلم وتقول لي: تأخذ به وما لي لا آخذ به إذا صح الحديث عن رسول الله فهوديني وقولي. وذكر محمد بن نصر عن إسحاق بن راهويه انه قال: من سب رسول الله أو ترك صلاة فرضاً متعمداً حتى خرج وقتها بلا عذر أو رد حديثاً مسنداً صحيحاً بلغه عن رسول [الله] ، فهو كافر مشرك.
وقد سمعنا أصحابنا يحكون عن ابن القاسم، رحمه الله، انه كان لا يجيز بيع كتب الرأي، فسئل عن ذلك فأخبر أنه لا يدري أحق هو أم باطل، وأجاز بيع المصاحف وكتب الحديث، لان الذي فيها حق. فكيف يظن جاهل لا يتقي الله عز