رسائل ابن حزم (صفحة 778)

القدح (?) فيها، وأضربنا عن الحديث المستور من رواتنا. صيانة لأقدار الأئمة عن تعريضهم لمن لا يعبأ الله به شيئاً، إلا في الندرة مما لابد من إيراده. وكل هذه الدواوين عندنا - ولله الحمد - روايتنا وضبطنا وتصحيحنا، وذلك فضل الله ومنته؛ لكنهم بكم إذا ضمنا وإياهم مجلس، فإذا غابوا أتوا بمثل هذه البلاغم العفنة المضحكة، ونعوذ بالله مما امتحنهم به.

13 - ثم قالوا: " لكن بشرع زائد وعلم مبتدع انفردت به أنت من طريق نقلتها، وخالفت فيها من مضى من طريق ما ظهر إليك واطلعت عليه من وهلة أو غفلة أو تضييع أو عي أو بلادة أو قلة فهم نسبته إلى الرواة المؤلفين للدواوين الراسخة، لاتساعك في الكلام، ومعرفتك في اللغة، وتصديقك كتاب حد المنطق ".

فالجواب - وبالله تعالى التوفيق -[180/أ] أن هذا مما قد أخزيناهم (?) فيه، وبينا أن الشرع الزائد والجهل المبتدع هو ما هم عليه من التقليد الذي قد نهى عنه من قلدوه، والذي هم مقرون بأنه لا يجوز، وكفى ضلالاً وبدعة وشرعاً مهلكاً لمن يدين الله تعالى بشيء يقر بأنه باطل، وهذا يكفي من عقل، وبالله تعالى التوفيق.

وأما قولهم: إننا انفردنا به وخالفنا من مضى، فكذب منهم بحت لم يستحيوا فيه من عاجل الفضيحة. وما انفردنا قط بقول ولله الحمد، بل نحن أشد موافقة للصحابة والتابعين، رضي الله عنهم، منهم. فقد ألفنا كتاباً ضخماً فيما خالفوا فيه الطائفة من الصحابة رضي الله عنهم بآرائهم، دون تعلق بأحد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. وهم لا يجدون لنا هذا، إلا أن يجدوه في الندرة، ومما تعلقوا فيه من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فشتان بين الأمرين.

وأما قولهم: إننا نسبنا إلى الرواة المؤلفين للدواوين الراسخة الوهلة (?) والغفلة والتضييع والعي والبلادة وقلة الفهم، فقد كذبوا. وغنما بينا بالبرهان الحق خطأ من اخطأ وصواب من أصاب فقط، وما العائب للصحابة إلا هم في ازورارهم (?) عن كل ما جاء عنهم، وإطراحهم لجميع أقوال الصحابة استغناء عنهم برأي مالك وحده دون جميع فقهاء أهل الإسلام، سالفهم وخالفهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015