رسائل ابن حزم (صفحة 735)

الاعتراض كان إلا سكران الخمر، وسكر عجب الصغير إذا كبر، والخسيس إذا أشر، والذليل الجائع إذا عز وشبع، والسفلي إذا أمر وشط، والكلب إذا دلل ونشط، فإن لهذه المعاني مسالك خفية (?) في إفساد الأخلاق التي تقرب من الاعتدال. وكيف بخلق سوء متكرر في الخساسة والهجنة والرذالة والنذالة واللعنة والمهانة

ولله در القائل (?) :

[إذا أنت أكرمت الكريم ملكته] ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى وهذا الذي قلنا هو المفهوم من نص الآية دون تزيد ولا انتقاص ولا تبديل لفظ، والحمد لله رب العالمين كثيراً.

8 - ولكن لو تذكر هذا المائق الجاهل ما يقرأونه في كفرهم البدل وإفكهم المحرف بأخرق تحريف وأنتن معان - حاشا ما خذلهم الله تعالى في تركه على وجهه ليبدي فضائحهم، فأبقوه تخبيثاً من الله تعالى لهم ليكون حجة عليهم، من ذكر عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم - في كتابهم الذي يسمونه: " التوراة " إذ يقولون فيه في السفر الرابع عن موسى صلى الله عليه وسلم انه قال مخاطبا لله عز وجل (?) : " يا رب كما حلفت قائلاً: الرب وديع ذو حن عظيم بعفو عن الذنب والسيئة وليس ينسى شيئاً من المآثم، الذي يعاقب بذنب الوالد الولد في الدرجة الثانية والرابعة ". ويقرأون فيه أيضاً في أول السفر الأول (?) : " إن قاين ابن آدم عاقبه الله في السابع من ولده " ثم يقرأون في الكتاب المذكور نفسه في السفر [150 و] الخامس منه: " إن الله تبارك وتعالى قال لموسى: لا تقتل الآباء لأجل الأبناء، ولا الأبناء لأجل الآباء، ألا كل واحد يقتل بذنبه " - فلو تفكر هذا الجاهل المائق وعظيم التناقض لشغله عظيم مصابه عن أن يظن بقول الله تعالى الذي هو الحق الواضح الواحد غير المختلف: {قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً* ما أصابك من حسنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015