ابن سعيد في قوله إنه من بيت مشهور بغرناطة، فهو غريب عن الأندلس وعن غرناطة معاً لأنه بقرطبة واضطرته فتنة البربر (399 هـ) إلى الهجرة منها، فسكن مالقة حيث افتتح له دكاناً. وكان قد درس التلمود بقرطبة على الكاهن حنوك، كما درس الأدب العربي وغيره حتى أصبح يتقن الكتابة المنمقة بالعربية (?) . وتوصلت به الأحوال إلى أن أصبح كاتباً عند أبي العباس وزير حبوس وكاتبه الأعلى، فلما توفي أبو العباس خلفه ابنه على الكتابة، وكان صغير السن، فأصبحت شؤون الديوان في يد إسماعيل (?) ، وأخذ هذا يتقرب إلى باديس طمعاً منه أن يحظى لديه إذا هو تولى الحكم بعد أبيه حبوس، واتفق حدوث مؤامرة دبرها بعضهم لإزاحة باديس عن الأمارة وشارك إسماعيل فيها ولكنه إمعاناً منه في طلب الحظوة كشف أمرها لباديس وجعله بحيث يسمع ما يقوله المتآمرون؛ ولهذه اليد ولأسباب أخرى اتخذه باديس وزيراً، ومن تلك الأسباب (?) :
(أ) أنه ذمي غير أندلسي لا تشره نفسه إلى ولاية.
(ب) أن في غرناطة جالية كبيرة من اليهود، فهو أقدر من غيره على جباية الأموال، وعلى ضبط الجباية لان عمالها منهم أيضاً.
(ج) أن إسماعيل كان حسن المداراة للناس ماهراً في استخراج ما يريده منهم.
وقد حاول دوزي أن يعزو الثقة في إسماعيل إلى مهارته في الكتابة وأن باديس لم يكن يطمئن إلى العرب ولا يجد كاتباً رفيع الأسلوب من البرب، وليس هذا بأقوى الأسباب.
وعلى أي حال فإن إسماعيل أثبت في السياسة كفاية ممتازة، وهي كفاية تزداد شأناً كلما تذكرنا طغيان باديس وجبروته واتجاه الأمور وجهة الفوضى والمؤامرات، حتى إن باديس لما فكر في استئصال العناصر العربية في غرناطة نصحه إسماعيل أن لا يفعل ودس نسواناً إلى معارف لهن من نساء زعماء المسلمين بغرناطة لينهاهم عن حضور الصلاة وأحبط تدبير باديس. وكشف باديس مؤامرة من صنهاجة ضده ووقعت يده