أربع عشرة المؤرخ، ولا عقب له.
وكان في غاية الأدب والبلاغة والفهم ورقة النفس، كذا قال أبو محمد علي بن أحمد وكان خبيراً به.
[وقال الوزير أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد: كان المستظهر رحمه الله شاعراً مطبوعاً، ويستعمل الصناعة فيجيد، وهو القائل في ابنة عمه (?) : [من الطويل]
حمامة بيت العبشميين رفرفت ... فطرت إليها من سراتهم صقرا
تقل الثريا أن تكون لها يداً ... ويرجو الصباح أن يكون لها نحرا
وإني لطعان إذا الخيل أقبلت ... جوانبها حتى جونها شقرا
ومكرم ضيفي حين ينزل ساحتي ... وجاعلُ وفري عند سائله وفرا وهي طويلة قالها أيام خطبته لابنة عمه أم الحكم بنت المستعين. قال أبو عامر: وكان يتهم في أشعاره ورسائله، حتى كتب أمان يعلى بن أبي زيد حين وفد عليه ارتجالاً، فعجب أهل التمييز منه، وأما أنا فقد كنت بلوته؛ وكان ورود يعلى فجأةً لم يبرح من مجلسه حتى ارتجل الأمان، وأنا والله أخاف أن يزل فأجاد وزاد؛ هذا آخر كلام أبي عامر] (?) .
وولي محمد بن عبد الرحمن المذكور، وله ثمان وأربعون سنة وأشهر، لأن مولده في سنة ست وستين وثلاثمائة، وكنيته أبو عبد الرحمن، وأُمه أُم ولد اسمها حوراء، وكان أبوه قد قتله محمد بن أبي عامر في أول دولة هشام المؤيد لسعيه في القايم وطلبه للأمر؛ وكان محمد بن عبد الرحمن هذا قد تلقب بالمستكفي، فولي ستة عشر شهراً وأياماً إلى أن خلع ورجع الأمر إلى يحيى بن علي الحسني، وهرب المستكفي، فلما صار بقريةٍ يقال لها شمُونْت (?) من أعمال مدينة سالم جلس ليأكل، وكان معه عبد الرحمن بن محمد بن السليم من ولد سعيد بن المنذر القائد المشهور أيام عبد الرحمن الناصر، فكره التمادي معه، وأخذ شيئاً من البيش (?) وهو كثير في ذلك البلد، فدهن له به دجاجة، فلما أكلها مات لوقته، فقبره هنالك. وكان هذا المستكفي في غاية