رسائل ابن حزم (صفحة 455)

ومن أهم أسباب الخلاف في التصحيف في أسماء الرواة (?) ، وقلب النسب، أو الاختصار فيه أو سقوط بعض أجزائه (?) أو التشابه في الاسم والنسب معاً (?) ؛ وعن هذه الطرق يدخل الوهم وتتباين الأحكام ويتسع مجال الاختلاف.

ومهما يكن سبب ما عد على ابن حزم من أخطاء، فإن ما يهمنا هنا هو المنهج الذي أمده به علم الحديث، وهو منهج يتحرى الدقة ويتشدد في محاكمة السند، وربما لم يحتج ابن حزم إلى كل ذلك في موقفه من الروايات التاريخية، ولكن روح المنهج الحديثي تلبست به ووجهت فكره، وسنى أثرها لديه فيما يلي عند الحديث عن أحكامه التاريخية.

ولو انفرد هذا المنهج في أثره لكان ابن حزم - في الأرجح - سلبي الموقف من التاريخ والروايات التاريخية، إذ لا يمكن أن يصل التحري هنا إلى ما يصل إليه في علم الحديث، ولكن ذلك المنهج توازى مع مؤثر آخر، هو تفتح فكره على الدراسات الفلسفية والمنطقية، فهذه الدراسات هي التي مهدت لديه تحكيم العقل في الرواية نفسها لا في رواتها، ورفضها على أساس عقلي، كما وسعت لديه الآفاق التي يستطيع أن يرودها بفكره، بحيث يتجاوز موقفه الظاهري الذي يحرص عليه في باب التشريع؛ وقد لحظ بعض الأقدمين هذه الازدواجية لديه فقال ابن كثير: " والعجب كل العجب منه أنه كان ظاهرياً حائراً في الفروع لا يقول بشيء من القياس لا الجلي ولا غيره،.... وكان مع هذا من أشد الناس تأويلاً في باب الأصول وآيات الصفات وأحاديث الصفات لأنه كان أولاً قد تضلع من علم المنطق ... " (?) ؛ وهذا الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015