أما علم النسب فإنه يعده جزءاً من " علم الخبر " (?) وهو يدافع بقوة عن هذا الجزء. ويرد قول من قال: علم النسب علم لا ينفع وجهالة لا تضر، ويبين منافعه المتعددة (?) .
ويحدد ابن حزم الغايات التي يمكن أن يحققها الاطلاع على تواريخ الأمم بما يلي:
1 - التزهيد في الدنيا: بمعرفة تقلبها بأهلها، ومصاير الملوك الظالمين الذين لم ينفعهم حشدهم للأموال والجيوش.
2 - القدوة الحسنة: إذ يقف المرء على حمد المتقين الأخيار للفضائل فيرغب فيها ويسمع ذمهم للرذائل فيكرهها؛ ويقرأ أخبار الصالحين فيجب أن يكون منهم وأخبار المفسدين فيمقت طرائقهم.
3 - العبرة بالفناء، ودثور الحصون والمدائن وتعاقب الأجيال، وانتقال الأحوال من عمران إلى خراب.
4 - تمييز الصواب من الخطأ في الأخبار: فحين تتناصر التواريخ على تفاوت الأزمان والديانات في نقل قصة، فهي حق، وحين يحدث الخلاف، يدري دارس التاريخ أن القصة مضطربة.
5 - المتعة والرياضة والتنشيط: وذلك لأن علم الأخبار سهل، وعلى الإنسان أن يتعمد قراءته وقت سآمته من درس العلوم الأخرى أو وقت فراغه من العمل فيها. وكل هذه الأغراض يدل على أن التاريخ عند ابن حزم هام جداً في بناء شخصية الفرد، من الوجهة الأخلاقية والنفسية، خصوصاً وأن دارسه لا يحتاج فيه إلى شيخ يوجه خطاه، بل يستطيع أن يعتمد على نفسه في طلبه (?) .
وقد توفرت لابن حزم أكثر الوسائل التي تلزم المؤرخ، وفي مقدمتها سعة الاطلاع على المؤلفات التاريخية ومناهجها المختلفة ومنازعها المتعددة، ولقد حاول الدكتور عبد الحليم غويس في كتابه القيم " ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي