وإظهار الصبر وإبطانه. فان اظهار الجزع عند حلول المصائب مذموم لانه عجز مظهره عن ملك نفسه فأظهر امراً لا فائدة فيه، بل هو مذموم في الشريعة وقاطع عما يلزم من الأعمال وعن التأهب لما يتوقع حلوله مما لعله أشنع من الأمر الواقع الذي عنه حدث الجزع.. فلما كان إظهار الجزع مذموماً كان ضده محمودا، وهو إظهار الصبر لأنه ملك النفس واطراح لما لا فائدة فيه وإقبال على ما يعود وينتفع به في الحال وفي المستأنف. وأما استبطان [الصبر] (?) فمذموم لأنه ضعف في الحس وقسوة في النفس وقلة رحمة. وهذه أخلاق سوء لا تكون إلا في أهل الشر وخبث الطبيعة وفي النفوس السبعية (?) الرديئة. فلما كان ذلك نتيجة ما ذكرنا (?) ، كان ضده محموداً وهو استبطان الجزع لما في ذلك من الرحمة والرقة والشفقة والفهم لقدر الرزية. فصح بهذا أن الاعتدال هو أن يكون المرء جزوع النفس صبور الجسد بمعنى أن لا يظهر في وجهه ولا في جوارحه شيء من دلائل الجزع وبالله تعالى التوفيق.
211 - لو علم ذو الرأي الفاسد ما استضر به من فساد تدبيره في السالف لأنجح بترك استعماله فيما يستأنف.