استعمالهم لها (?) لم تعد في البلاغة ولا استحسنت. ونقول: البلاغة ما فهمه العامي كفهم الخاصي وكان بلفظ ينتبه له العامي لأنه لا عهد له (?) بمثله، ويتنبه له الخاصي لأنه لا عهد له بمثله، ويتنبه له الخاصي لأنه لا عهد له بمثل نظمه ومعناه واستوعب المراد كله ولم يزد فيه ما ليس منه ولا حذف مما يحتاج من ذلك المطلوب شيئا، وقرب على المخاطب به فهمه، ولوضوحه وتقريبه ما بعد، وكثر من المعاني [92و] وسهل عليه حفظه لقصره وسهولة ألفاضه. وملاك ذلك الاختصار لمن يفهم، والشرح لمن لا يفهم، وترك التكرار لمن قبل ولم يغفل وإدمان التكرار لمن لم يقبل أو غفل.
وهذا الذي ذكرنا ينقسم قسمين: أحدهما مائل إلى الألفاظ المعهودة عند العامة كبلاغة عمرو بن بحر الجاحظ، وقسم مائل إلى الألفاظ غير المعهودة عند العامة كبلاغة الحسن البصري وسهل بن هرون. ثم يحدث بينهما قسم ثالث أخذ من كلا الوجهين كبلاغة صاحب ترجمة كليلة ودمنة، ابن المقفع كان أو غيره (?) . ثم بلاغة الناس تحت هذه الطرائق التي ذكرنا.
وأما نظم القرآن فإن منزله تعالى منع من القدرة على مثله وحال بين البلغاء وبين المجيء بما يشبهه (?) . وقد كان أحدث ابن دراج (?) عندنا نوعا من البلاغة ما بين الخطب والرسائل. وأما المتأخرون فإنا نقول: إنهم مبعدون عن البلاغة ومقربون من الصلف والتزيد، حاشا الحاتمي وبديع الزمان فهما مائلان نحو طريقه سهل بن هرون.
فهذه حقيقة البلاغة ومعناها قد جمعناه والحمد لله رب العالمين.
ولابد لمن أراد علم البلاغة من أن يضرب في جميع العلوم التي قدمنا قبل هذا