رسائل ابن حزم (صفحة 1234)

الموصلين إلى فوز الآخرة والسلامة الأبدية، وبه نعرف حقيقة العلم، ونخرج (?) من ظلمة الجهل، ونصلح تدبير المعاش والعالم والجسد (?) .

ومن الناس من يستشهد بالعقل على تصحيح شيء ليس في العقل إلا إبطاله، كمتطلب في العقل عللا موجبة لجزئيات الشرائع، فإنه ليس في العقل إلا وجوب الائتمار للأول الخالق فقط في أي شيء أمر به، ولو [81و] أنه (?) قتل أنفسنا فمن دونها بأنواع المثل (?) ؛ وأما علة موجبة لتحريم لحم الخنزير وإباحة لحم التيس، أو لإيجاب الصلاة بعد زوال الشمس والمنع منها حين طلوعها، أو لأن تكون صلاة أربع ركعات وأخرى ثلاثا، أو صيام شهر رمضان دون ذي الحجة، أو الحج إلى مكة في ذي الحجة دون الحج إلى غيرها في شهر آخر، وقتل من زنا وهو محصن عفا عنه زوج المزني بها أو أبوها أو لم (?) يعفوا، أو تحريم قتل من قتل النفس المحرمة إذا عفا عنه الولي. ولا تحريم المشقوق البطن أو المخنوق (?) وتحليل المذبوح أو المنحور، فليس ابتداء هذا كله في العقل أصلا. وهكذا جميع الشرائع (?) ، وهكذا جميع أفعال الخالق تعالى فإنه خلق الحمار خلقا مهين للسخرة، وخلق الفرس للركوب، وحبا صورة الإنسان بالعقل، وسلط الكلب على الظبي، وأباح ذبح بعض الحيوان دون بعض للأكل، وخلق بعض الحيوان طيارا وبعضه مائيا، وبعضه طعاما لبعض، وبعضه ناطقا وبعضه جاهلا، وبعضه ذا رجلين وبعضه ذا أربع أرجل وبعضه ذا ست أرجل وبعضه ذا أكثر من ذلك وبعضه بلا أرجل أصلا، وخلق الأسد شجاعا جريئا والقرد جبانا هلوعا، وخلق أشياء حادة الإبصار وخلق الخلد أعمى، وخلق ذوات السموم المؤذية للحيوان. وهكذا رتب الخالق الكريم الأشياء كلها (?) . ويلزم من فر عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015