رسائل ابن حزم (صفحة 1211)

ذلك ثابتة ضرورة في النفس لا بدليل (?) دل على صحة ذلك أصلاً. وكفانا ما عارضناهم به إن أنصفوا أنفسهم وإلا فلا كلام لنا مع من أقر أنه لا يصحح العقل وأنه لا عقل له.

13 - باب ذكر أشياء تلتبس على قوم في طريق البرهان

واعلم أن قوماً قدروا أن (?) البرهان يقوم مما ذكرنا في باب الإضافة من كون أحد الشيئين يقتضي الآخر فلم يفرقوا بين الواجب من ذلك وغير الواجب (?) ، ونحن نفرق إن شاء الله عز وجل بين الصحيح من ذلك والفاسد فنقول، وبالله تعالى التوفيق وبه نتأيد (?) : إن هذا شيء (?) يسميه المتقدمون " برهان الدور "، مثال ذلك: أن يقول القائل: الدليل على أن كون القصد في الأمور موجود أن الإفراط موجود. فيقال له: وما الدليل على أن كون الإفراط موجود فيقول: لما كان القصد موجوداً وجب أن الإفراط موجود، فقام من هذا الكلام: لما كان الإفراط موجوداً كان الإفراط موجوداً، وهذا فساد (?) في الرتبة، وهو أن يستشهد على الشيء بنفسه، وإنما الصواب [73و] أن يستشهد على مجهول (?) بمتيقن، فإذا كان الشيء مجهولاً فليس متيقناً عند الذي هو عنده مجهول، وأنت هاهنا (?) تروم أن تبين المجهول (?) بنفسه التي هي ذلك المجهول بعينه. وإذا كان الشيء متيقناً فالمتيقن لا يحتاج فيه إلى برهان، فهذا الاستدلال (?) فاسد كما ترى. وكل شيء فإما معلوم وإما مجهول، فالمعلوم يصحح غيره من المجهولات، والمجهول يصحح بغيره من المعلومات، وكون كل واحد من المضافين مقتضياً وجود صاحبه أمر معلوم بأول العقل، فطلب الاستدلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015