لوجب عليه ما أوجب على من هو محدود بحده ومرسوم برسمه، ولكنها ولله الحمد قضية باطل فلا يجب ما أنتجت لا عليه ولا على غيره، وقد ذكرنا هذا الباب في النوع الخامس من البرهان.
واعلم أن من وافقنا في هذه الأوائل ثم كذب موجباتها أو خالفنا في هذه الأوائل فلم يثبتها تركناه وكنا إن كلمناه كمن كلم السكران، إلا في حالين: أحدهما أن يضطرنا (?) إلى الكلام معه خوف أذى (?) ما إن تركنا الكلام معه. والثانية الرجاء في أوبته وأوبة غيره من حاضر أو غائب يبلغه كلامنا، أو تثبت حاضر أو غائب يبلغه كلامنا، فأي ذلك كان فواجب علينا الكلام حينئذ بما نرجو به (?) المنفعة إما لأنفسنا وإما لمن يلزمنا تبصيره من أهل نوعنا، فقد قال الأول الواحد الخالق خالق الصدق والآمر به في عهوده إلينا: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} (النساء:135) وقال تعالى أيضاً (?) : {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} (النمل:125) وقال لنا رسوله المتوسط بيننا وبينه تعالى، صلى الله عليه وسلم، في وصاياه لنا " لأن يهدي الله بهداك رجلاً واحداً أحب إليك من حمر النعم " (?) . حتى إذا ارتفع خوفنا أو رجاؤنا لزمنا حينئذ أن نفعل ما أمرنا به الواحد الأول عز وجل في عهوده إلينا إذ يقول (?) {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} (المائدة:105) فنقول لمن لزمنا أن نقول له من هذه الطائفة، ولعمري إنهم لكثير كما وصف الواحد الأول تعالى إذ يقول مخبراً لنا عمن تاه في الأباطيل: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً} (الكهف:104) وقال تعالى أيضاً (?) {أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها} (الأعراف:195) فنقول لمن هذه صفته: إن كنتم