يدري أحد كيف وقعت له صحة معرفته (?) بذلك ولا كان بين أول أوقات فهمه وتمييزه وعود (?) نفسه إلى ابتداء ذكرها وبين معرفته بصحة ما ذكرنا زمان أصلاً، لا طويل ولا قصير ولا قليل ولا كثير ولا مهلة البتة (?) ، وإنما هو فعل الله عز وجل في النفس، وهي مضطرة إلى فعل (?) ذلك ضرورة ولا تجد عنها محيداً البتة، وليس ذلك في بعض النفوس دون بعض بل في نفس كل ذي تمييز لم تصبه آفة. وكل نفس تعلم أن سائر النفوس تعلم ذلك ضرورة. فلو أن إنساناً رام أن يوهم نفسه خلاف ما ذكرنا لما قدر، فإن قدر على ذلك يوماً ما فليعلم أن بعقله آفة شديدة لا يجوز غير ذلك.
وفي القسم الثاني من هذين القسمين تدخل صحة المعرفة بما صححه (?) النقل عند المخبر تحقيق ضرورة، كعلمنا أن الفيل موجود ولم نره، [70ظ] وأن مصر ومكة في الدنيا، وأنه قد كان موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وقد كان (?) أرسطاطاليس وجالينوس موجودين، وكواقعة صفين والجمل وككون أهل القسطنطينية (?) مملكين لملك الروم النصراني (?) ، وأن النصرانية دينهم الغالب عندهم وكالأخبار تتظاهر عندنا كل يوم مما لا يجد المرء للشك فيه مساغاً عنده أصلاً، وكذلك أن (?) في رأس الإنسان دماغاً وفي بطنه مصراناً (?) وفي جوفه قلباً وفي عروقه دماً، وإنما يرجع في ذلك إلى قول (?) المشرحين وقول من رأى رؤوس القتلى مشدوخة وأجوافهم