رسائل ابن حزم (صفحة 1031)

الرتبة لأن كل نفس لكل إنسان فهذه صفاتها. وإن كان الذي زدت لفظاً يقتضي معاني أقل من معاني المحدود، كان ذلك نقصاناً من المحدود، كقولك في نفس الإنسان: إنها حية ناطقة ميتة حائكة أو تقول: طبيبة أو كاتبة، فإن هذا إنما هو حد لبعض نفوس الناس لا لجميعها، إذ ليس كل إنسان كاتباً ولا طبيباً ولا حائكاً. وأما إذا أنقصت من الحد الذي لا فضلة فيه، نعنى لا زيادة فيه على مقدار الكفاية في الحد، فإنه زيادة في المحدود كقولك في نفس الإنسان: إنها حية ناطقة فإن الملك والجني يدخلان تحت هذا الحد.

واتفق الأوائل على أن سموا المخبر عنه موضوعاً، وعلى أن سموا ذكرك لمن تريد أن تخبر عنه وضعاً، واتفقوا على أن سموا الخبر " محمولاً " وكون الصفة في الموصوف " حملاً "؛ فما كان ذاتياً من الصفات كما قدمنا قيل فيه: هذا " حمل جوهري "، وما كان غيريا قيل: هذا " حمل عرضي " وكل هذا اصطلاح على ألفاظٍ يسيرة ستجمع تحتها معاني كثيرة، ليقرب الإفهام. فإذا قلت: زيد منطلق، فزيد موضوع، ومنطلق (?) محمول على زيدٍ، أي هو وصف له. وهذا يسميه النحويون الابتداء والخبر إذا جاء على هذه الرتبة. فإذا سمعت الموضوع والمحمول فإنما تريد المخبر عنه والخبر عنه فاعلم، والله أعلم.

5 - باب الكلام على الجنس

ذكر الأوائل قسماً في الجنس لا معنى له، وهو: كتميم لبني تميم، والبصرة لأهلها، والوزارة لكل وزير [9 ظ] ، والصناعة لأهلها، وهذا غير محصور ولا منضبط فلا وجه للاشتغال به. وإنما نقصد بكلامنا الجنس الذي ذكرنا أولاً وهو: اللفظ الجامع لنوعين من المخلوقات فصاعداً وليس يدل على شخص واحد بعينه كزيد وعمرو، ولا على جماعة مختلفين بأشخاصهم فقط كقولك (?) : الناس، أو كقولك (?) الإبل، أو كقولك الفيلة، لكن على جماعة تختلف بأشخاصهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015