الحديث الثاني:
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أنّ امرأةً قتلت ضرّتها بعمود فسطاط، فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقضى على عاقلتها بالدّية، وكانت حاملاً، فقضى في الجنين بغرّة، فقال بعض عصبتها: أندي من لا طعم ولا شرب، ولا صاح فاستهلّ، ومثل ذلك يطلّ، قال: فقال: ((سجع كسجع الأعراب)).
رواه مسلم (ج11 ص179). والنسائي (ج8 ص44).
فأنت ترى أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنكر عليه معارضته لحديثه برأيه وقال: ((إنّما هذا من إخوان الكهّان)). من أجل سجعه.
الحديث الثالث:
عن عبد الله بن أبي مليكة قال: كاد الخيّران أن يهلكا، أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، رفعا أصواتهما عند النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر -قال نافع: لا أحفظ اسمه- فقال أبوبكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله سبحانه: يا أيّها الّذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآية. قال ابن الزّبير: فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد هذه الآية حتّى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه -يعني- أبا بكر.
أخرجه البخاري (ج10 ص212،214) وفيه رواية ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير (ج17 ص39). وأخرجه الترمذي (ج4 ص185) وعنده تصريح عبد الله بن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير حدثه به، وأحمد (ج4 ص6)، والطبري (ج26 ص119) وفيه قول نافع: حدثني ابن أبي مليكة عن ابن الزبير، فعلم اتصال الحديث كما أشار إليه الحافظ في "الفتح"