لهذا إلعلاج ويقر لمن جاء به بأنه أكمل الخلق على الإطلاق، وأنه مؤيد بوحي إلهي خارج عن القوى البشرية.
وأقول -في شأن الطب الحديث- إن الناس كانوا ولا يزالون تقذر أنفسهم الذباب، وتنفر مما وقع فيه من طعام أو شراب، ولا يكادون يرضون قربانه، وفي هذا من الإسراف -إذا غلا الناس فيه- شيء كثير ولا يزال الذباب يلح على الناس في طعامهم وشرابهم، وفي نومهم ويقظتهم، وفي شأنهم كله، وقد كشف الأطباء والباحثون عن المكروبات الضارة والنافعة وغلو غلوًا شديدًا في بيان ما يحمل الذباب من مكروبات ضارة، حتى لقد كادوا يفسدون على الناس حياتهم لو أطاعوهم طاعة حرفيّة تامة، وإنا لنرى بالعيان أن أكثر الناس تأكل مما سقط عليه الذباب، وتشرب فلا يصيبهم شيء إلا في القليل النادر، ومن كابر في هذا فإنما يخدع الناس ويخدع نفسه، وإنا لنرى أيضًا أن ضرر الذباب شديد حين يقع الوباء العام لا يماري في ذلك أحد، فهناك إذن حالان ظاهرتان بينهما فروق كبيرة، أما حال الوباء فمما لاشك فيه أن الاحتياط فيها يدعو إلى التحرز من الذباب وأضرابه مما ينقل المكروب أشد التحرز، وأما إذا عدم الوباء وكانت الحياة تجري على سننها فلا معنى لهذا التحرز، والمشاهدة تنفي ما غلا فيه من إفساد كل طعام أو شراب وقع عليه الذباب، ومن كابر في هذا فانما يجادل بالقول لا بالعمل، ويطيع داعي الترف والتأنّق وما أظنه يطبّق ما يدعو إليه تطبيقًا دقيقًا، وكثير منهم يقولون ما لا يفعلون. اهـ