الرواية الأخرى: إنّه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله، من باب ما اختل من بصره، كما ذكر في الحديث، فيظن أنه رأى شخصًا من بعض أزواجه أو شاهد فعلاً من غيره، ولم يكن على ما يخيل إليه لما أصابه في بصره وضعف نظره، لا لشيء طرأ عليه في ميزه، وإذا كان هذا لم يكن فيما ذكر من إصابة السحر له وتأثيره فيه ما يدخل لبسًا ولا يجد به الملحد المعترض أنسًا. اهكلامه رحمه الله.

3 - وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (ج10 ص226): قال المازري: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا: وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع، إذ يحتمل على هذا أنه يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثم وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء.

قال المازري: وهذا كله مردود، لأن الدليل على صدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى، وعلى عصمته في التبليغ والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين. قال: وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن، وهذا كثيًرا ما يقع تخيله للإنسان في المنام، فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة.

قلت: وهذا قد ورد صريحًا في رواية ابن عيينة في الباب الذى يلي هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015