أضعتم (?)، فكأنَّكم بالمشمِّرين فيه وقد وَصلو وانقطعتم.
قلوبُ المتَّقين إلى هذا الشَّهر تَحِنُّ، ومن ألم فِراقه تَئِنُّ.
دَهَاكَ الفِرَاق فما تَصْنَعُ ... أَتَصْبِرُ للبَيْن أم تَجْزَعُ
إذا كُنْتَ تبكي وهُمْ جيرةٌ ... فكيفَ تكونُ إذا وَدَّعُوا
كيف لا يَجْري للمؤمنِ على فِراقه دموع، وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع.
تذكَّرْتُ أيّامًا مَضَتْ وَلَيَالِيَا ... خَلَتْ فَجَرَتْ من ذكرِهِنَّ دُمُوعُ
ألا هَلْ لها يومًا من الدَّهْرِ عَوْدَةٌ ... وَهَلْ لي إلى وقتِ الوِصَال رُجُوعُ
وَهَلْ بَعد إعراضِ الحبيبِ تواصُلٌ ... وَهَلْ لبدورٍ قَدْ أَفَلْنَ طُلُوعُ
أَينَ حَرَقُ المجتهدين في نهاره؟ أين قَلَقُ المتهجِّدين في أسحاره؟
وإذا كان هذا جَزَعَ مَنْ رَبِحَ فيه، فما حالُ مَن خَسِر في أيَّامه ولياليه؟
ماذا ينفعُ المفرِّطَ فيه بكاؤه، وقد عَظُمَت فيه مصيبتُهُ وَجَلَّ عزاؤه؟ كم نُصِحَ المسكين (?) فما قَبِلَ النُّصْحَ؟ كم دُعِيَ إلى المصالحة فما أجابَ إلى الصُّلْح؟ كم شَاهَدَ الواصلين فيه وهو مُتبَاعِد؟
كم مَرَّتْ به زُمَر السَّائرين وهو قاعد؟ حتى إذا ضاقَ به الوقت (?)، وحاقَ به المقْتُ، ندم على التفريط حين لا ينفع النَّدَم، وطلبَ الاستدراكَ في وقْتِ العَدَم.
أَتَتْركُ من تُحبُّ وأنتَ جارُ ... وتَطْلبُهُم إذا بَعُدَ المَزَارُ