اعلم أنَّهم قد أحدثوا في آخرِ جمعةِ شهر رمضان أمورًا ممَّا لا أصْلَ لها، والتزمُوا أمورًا لا أصْل لِلُزومِها، فأردتُ أنْ أكشفَ القِنَاعَ عنها، وأحقِّقَ ما لها وما عليها، وأبيِّنَ ما جازَ منها وما لم يَجُزْ منها، مع الإِنصاف الذي هو خيرُ الأوصاف، والتجنُّبِ عن طريق الإِفراط والتفريط الموجِبَيْنِ للاعتساف.
فمنها: القضاء العُمُري:
حدثَ ذلك في بلاد خُراسَان وأطْرافِها، وبعضِ بلاد اليمن وأكنافِهَا، ولهم في ذلكَ طرقٌ مُختلفةٌ، ومَسَالِكُ مُتَشَتِّتة.
فمنهم: مَن يُصلِّي في آخرِ جمعةِ رمضان خمسَ صَلَواتِ قضاءً بأذانٍ وإقامةٍ مع الجماعة، ويجْهرون في الجهريَّة، ويُسِرُّون في السِّرِّيَّة، وينوون لها بقولهم: نويتُ أنْ أُصَلِّي أربعَ ركعاتٍ مفروضة قضاءً لما فاتَ من الصَّلواتِ في تمامِ العُمُر ممَّا مضا، ويعتقدونَ أنَّها كفَّارةٌ لجميعِ الصَّلواتِ الفائتةِ فيما مضى.
ومنهم: مَن يصلِّي أربعَ رَكَعاتٍ نَفْلًا مع الجَمَاعة تداعيًا، وينوون بقولهم: نويتُ أنْ أُصلِّيَ أربعَ ركعاتِ تقْصيرًا وتكفيرًا لقضاءِ ما فات منِّي في جميع عمري صَلاةَ النفل.
ومنهم: مَن زاد نغمةً، واعتقدَ أنَّها كفارةٌ لفوائتِ آبائِهِ وأجْداده أيضًا.
وقد نقلوا لإِثبات ما فعلوا عبارات، وذكروا فيه روايات.