.. وبالجملة: فالقسم الثانى من الوحي الإلهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (الوحي التوفيقى) أو (الوحي الباطنى) على حد تعبير الأحناف (?) وهو: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتهاده مما يعلم أنه من شرع الله تعالى، فإن وافق قوله أو فعله مراد الله تعالى، فالأمر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان الأمر يحتاج إلى تصحيح أو توضيح، أوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك (?) .
... وهذا أهم ما يفرق به بين اجتهاد النبى صلى الله عليه وسلم، واجتهاد علماء أمته أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم محروس بوحى الله تعالى، فلا يقر على خطأ ومن هنا فهو حجة فى الدين ويحرم مخالفته، وليس كذلك اجتهاد علماء أمته. اللهم إذا كان اجتهاد علماء الأمة فى عصر من العصور وأجمعوا عليه فيحرم مخالفته.
... قال الإمام الغزالى (?) : "دل الدليل من الإجماع على تحريم مخالفة اجتهاده صلى الله عليه وسلم، كما دل على تحريم مخالفة الأمة كافة، وكما دل على تحريم مخالفة اجتهاد الإمام الأعظم والحاكم، لأن صلاح الخلق فى اتباع رأى الإمام والحاكم وكافة الأمة، فكذلك النبى صلى الله عليه وسلم" (?) .