.. وقد كان ابن أم مكتوم يستحق التأديب والزجر، لأنه وإن فقد بصره، كان يسمع مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأولئك الكفار، وكان يعرف بواسطة استماع تلك الكلمات شدة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بشأنهم، فكان إقدامه على قطع كلامه صلى الله عليه وسلم بعد سماعه، إيذاء له صلى الله عليه وسلم وذلك معصية عظيمة.
... فثبت أن فعل ابن أم مكتوم كان ذنباً ومعصية، وأن الذى فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الواجب المتعين، سواء كان ابن أم مكتوم مسلماً فى ذلك الوقت، كما هو رأى الجمهور، أو لم يكن أسلم بعد، على ما ذهب إليه السهيلى (?) فى الروض الأنف ورجحه قائلاً: "مع أنه – أى الأعمى – لم يكن آمن بعد، ألا تراه يقول: {وما يدريك لعله يزكى} (?) ولو كان قد صح إيمانه وعلم ذلك منه لم يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لم يكن ليخبر عنه ويسميه بالاسم المشتق من العمى، دون الاسم المشتق من الإيمان والإسلام، ولو كان دخل فى الإيمان من قبل – والله أعلم – وإنما دخل فى الإسلام بعد نزول الآية ويدل على ذلك قوله للنبى صلى الله عليه وسلم: "يا محمد استدننى" (?)