من يرى عدم الجواز:

يرى أكثر الفقهاء عدم جواز قضاء رمضان السابق للمسافر خلال سفره في رمضان التالي له. وقد حكى ابن المنذر هذا الرأي عن سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق وأبي ثور , كما أنه رأى مالك والشافعي وجمهور الفقهاء 1..

ولم يذكر مستند لأصحاب هذا الرأي لكني وجدت أثرا منقولا عن عطاء , في رجل أفطر رمضان ثم أقام ولم يقضه حتى ألقاه رمضان المقبل مسافرا , أيفطر إن شاء , قال نعم , ثم يطعم ثلاثين مسكينا ثلاثين مدا 2..

لكن من الواضح: أن عطاء هنا , أجاز الفطر ولكنه لم عن صيامه قضاء عن رمضان السابق , كما يقول المجيز فليس فيه ما يفيد المنع..

إلا أننا حينما نلاحظ الحكمة من رخصة الفطر للمسافر , وهي تخفيف المعاناة التي يجدها المسافر خلال سفره , ثم نلاحظ أن الأخذ بهذه الرخصة ليس محتما - كما أوضحنا ذلك سابقا - كانت النتيجة: أن من كانت لديه قدرة على تحمل مشقة السفر , أو كانت ظروف سفره تساعد على تخفيف هذه المشقة إلى قدر المحتمل عادة، كان الأولى به , هو صيام الفرض الحاضر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه , فقد ثبت مما تقدم أنهم كانوا يصومون خلال شهر رمضان وأن هذا الصيام كان عن رمضان الحاضر الذي يكونون فيه , وأما الادعاء بأنهم كانوا يصومون تطوعا أو نذرا أو قضاء لرمضان سابق عليهم فهي دعوى جاءت على خلاف الأصل وعلى مدعيها إقامة الدليل على إثباتها..

ومجمل القول في هذه المسالة , أن القول بجواز قضاء رمضان السابق للمسافر خلال شهر رمضان التالي له في أثناء سفره فيه , هذا القول قد يتفق مع مذهب ابن حزم الذي يمنع المسافر من الصيام خلال سفره في شهر رمضان..

أما عند الجمهور الذين يجيزون الفطر والصوم للمسافر خلال شهر رمضان بل ويعتبرون الصيام أفضل لمن قوى عليه - لحديث أبي سعيد المتقدم وغيره مما أسلفنا - فهذا العمل فيه مخالفة عندهم لما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حيث لم يثبت ذلك عن أحد منهم بالرغم من كثرة أسفارهم. كما أن ابن حزم مع كثرة استيعابه وجمعه للسنن والآثار لم يستطع ايراد سنة واحدة أو أثر واحد يدلل به على ما ذهب إليه , كل ما في المر أنه بنى على رأيه في هذه المسألة على الأصل الذي تثبت به من قبل وهو حرمة الصيام على المسافر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015