وندرك بالنظر والتعمق في الآيات السابقة أنها تثبت الألوهية والربوبية والرحمة والولاية والقدرة لله تعالى وحده لا شريك له، وبذلك ينتفي الشرك الجلي والخفي.
وتوحيد الإسلام هو الذي يثبته كلام الله العزيز، ويؤكده العلم والعقل والسمع في كل موضع وخطوة.
وتوحيد الإسلام هو الذي شيدته براهين الفطرة الصحيحة والعقل السليم، وخوطب به كل قلب سليم متمتع بالحياة الروحية.
وليس توحيد الإسلام كتثليث النصرانية الذي يصفه القساوسة بأنه أعلى من الفهم والعقل، ويوجبون الإيمان به دون فهم، إذ الإسلام يقيم حجته في بداية الدعوة على كل إنسان فيقول:
{أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} (الحج: 46).
تضمنت هذه الآية ألفاظ القلوب والعقول والآذان والسمع والأبصار والعمى، وبذلك يثبت أن الإسلام يخاطب العقل والسمع والبصر والقلب والبصيرة، وعلى هذه البراهين يكون أساس إثبات التوحيد.
والإسلام هو الذي أفرد، لبيان التوحيد بصورة كاملة، عناوين التوحيد في العبادة، والتوحيد في الاستعانة، والتوحيد في القدرة، والتوحيد في التصرف والتوحيد في الذات، والتوحيد في الصفات ودعم كل عنوان وما ورد فيه من المسائل بآيات القرآن وأحاديث النبي (ص). فتدبروا الآيات التالية بتعمق حتى يزداد علمكم بعناوين التوحيد السابقة ويقوى الإيمان واليقين، قال تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
قال الزمخشري في تفسير هذه الآية: وتقديم المفعول لقصد الاختصاص أي تقديم قوله إياك على نعبد ونستعين يفيد أن العبودية والاستعانة تختصان بالله تعالى (?). وقال عن التوحيد في الاستعانة في سورة يوسف:
{والله المستعان} (آية: 18).