سبق أن عرضنا كبرهان ذكر القرآن الكريم الأخبار المستقبلية، وهكذا فذكره للأخبار الماضية أيضا دليل قوي على كونه كلام الله تعالى.
إن ذكر قوم هود وقوم صالح لم يوجد في صحيفة إسرائيلية، ولكن القرآن الكريم قد بين أحوالهما. وهكذا ذكر عاد إرم وعاد الأولى ووقعة سيل العرم العظيمة.
وهو الذي أخبر بحكم بني إسرائيل مدة على مصر بعد غرق فرعون، أما التوراة فقد سكتت عنه، كما سكت تاريخ مصر عن وقع معجزات موسى في مصر. إن أعمال المسيح لم تذكر في تاريخ روما ولا تصدقها كتابات اليهود.
ولم يكن النصارى يعلمون ولا يصدقون أن مريم الصديقة كانت تعتبر أقنوما من أقانيم التثليث، وبعد إخبار القرآن بهذا، بحث هذا الأمر محققو النصارى فعلموا صدق القرآن في إخباره عن ذلك.
وكون الكعبة أول مسجد بني في الدنيا كان قد خفي على المؤرخين، ولكنه صار الآن أمرا مسلما به.
وإخبار القرآن بأن الله تعالى أرسل رسوله إلى كل أمة، فبلغوهم الرسالة بلغتهم، وقامت عليهم حجة الله، كان كنزا مخفيا لأهل الأديان جميعا. ولذلك كان الإسرائيليون يكذبون المجوس، والمجوس يكذبون الإسرائيليين، وهم جميعا كذبوا أهل الهند، وأهل الهند كذبوهم كلهم. ثم هؤلاء الثلاثة كذبوا أهل مصر، وأهل مصر كذبوهم كلهم، والأربعة كذبوا أهل الصين واليابان، وهؤلاء كذبوا أولئك، وهكذا أحاط التكذيب أهل الدنيا جميعا، ولكن القرآن الكريم كشف عن هذا السر، ودل على طريقة التقارب بين الأقوام والبلاد. ثم إنه أخبر بانتهاء هذه السلسلة وجعل محمدا. خاتم النبيين، وبذلك علمهم درس الاتحاد الكلي ووحدة الأمة.
وبمجرد أن أعلن القرآن ختم النبوة على محمد (ص) سكت اليهود والنصارى والمجوس والهنادكة والمصريون والصينيون، ولم يدع أحد منهم تلقي الوحي الرباني من