مثل البنوة والتثليث والكفارة والرهبانية والسلطة الإلهية (المطلقة) للبابا، صاروا أيضا أعداء للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وللاطلاع على أحوال المدينة ينبغي أن نلقي نظرة موجزة على أحوال عبد الله بن أبي ابن سلول، كان هذا الشخص - بالإضافة إلى اليهود - رجلا ممتازا ذا تأثير في أهل المدينة، كان يخشى تماما قبيلتي الأوس والخزرج وكان يتوقع أن يصبح أكبر قوة وسلطة في المدينة بمساعدة هاتين القبيلتن القويتين، وحين رأى أن الأوس والخزرج دخلتا في الإسلام، قام - في الظاهر - (بعد غزوة بدر) بالانضمام إلى المسلمين، ولكن حين رأى أن اليهود خالفوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، أراد أن يبقي على أثره السابق على اليهود، وأن تبقى له السيطرة على القبائل التي أسلمت، فاتبع أسلوب التودد إلى المسلمين والجلوس إليهم ومصاحبتهم، ثم يدعى أمام الأمم الأخرى أنه معهم وأنه حليفهم.
ولما كان يرى أن الإسلام - في الحقيقة - قد خيب آماله فقد كان لا يتورع عن إيذاء المسلمين وإلحاق الضرر بهم - وقد سمى المسلمون هذه الطائفة "بالمنافقين".
وحالة المدينة تلك توضح مدى الصعوبات والعراقيل التي واجهت الدعوة الإسلامية وواجهت صاحب الدعوة والإنسان المنصف يستطيع أن يحكم ويقرر كيف كان تخطى هذه العراقيل والمصاعب أكبر دليل على صدق الإسلام والنجاح الذي تحقق للنبي - صلى الله عليه وسلم - في نشر الإسلام في المدينة المنورة مقارنة بما تحقق في مكة المكرمة مما قد ورد ذكره قبلا في القرآن الكريم. يقول تعالى: {وللآخرة خير لك من الأولى}.