ومعنى الرضا برسالة محمد (ص) أن تكون طاعة محمد (ص) نصب عينيه في جميع أحكامه، ويكون تعظيم النبي (ص) مع حبه مقدما على نفسه وروحه، فيتلقى الهداية والحكم والقضاء من عتبته (ص)، ولا يرضي بحكم الغير، وخاصة في علوم الإلهيات حيث لا يكون هناك أي مجال لذلك.
ومعنى الرضا بالإسلام أن يقبل بانشراح تام كل حكم للإسلام من أمر أو نهي، ويرفض كل ما يعارض هذا الحكم حتى لو صدر عن عالم معروف ومشهور.
وربما تجدون الكثير من العلماء والمتصوفين والدراويش والمشايخ يعارضون الأصل المذكور، ولكن الرضا بالإسلام يقتضي أن لا يصدق المؤمنون حكما ليس من الإسلام في شيء وألا يطمئنوا في شيء إليه.
واعلموا أن منزلة الرضا تأتي بعد التوكل والتفويض والتسليم، ولما كان حصوله صعبا لم يجعله الله فرضا، بل شوق إليه ورغب فيه. سئل يحيى بن معاذ: كيف ينال المسلم مقام الرضا؟
فقال: بكماله في أربعة أمور:
1 - أن يقبل العطاء.
2 - ويرضي بعدم العطاء.
3 - ويعبد في الانقباض.
4 - ويحضر أمام الله في الانشرخ (?).
وقيل للحسن بن علي أن أبا ذر يقول: إن الفقر أحب إليه من الغنى، والمرض أحب إليه من الصحة.
فقال: رحم الله أبا ذر، إني أقول: من اعتمد على حسن اختيار الله له لم يتمن سوى ما اختاره الله تعالى (?).
وقال فضيل بن عياض لبشر الحافي: منزلة الرضاء أعلى من الزهد، لأن من رضي لا يتمنى فوق منزلته (?).
ومما كتب عمر الفاروق رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترض وإلا فاصبر (?).