رحمه للعالمين (صفحة 634)

وخرج عمر رضي الله عنه ليلة يحرس الناس فرأى مصباحا في بيت فإذا عجوز تنفش صوفا وتقول:

على محمد صلاة الأبرار ... صلى عليه الطيبون الأخيار

قد كنت قواما بكى بالأسحار ... ياليت شعري والمنايا أطوار

هل تجمعني وحبيبي الدار

فجلس عمر يبكي. والحكاية طويلة، والغرض هنا ذكر عواطف الحب والحنين فقط.

وانظروا إلى هذه الأبيات التي قالها حسان بن ثابت على وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

حينا يقيك الترب لهفي ليتني ... غيبت قبلك في بقيع الغرقد

أأقيم بعدك بالمدينة بينهم ... يالهف نفسي ليتني لم أولد

فظللت بعد وفاته متلذذا ... ياليتني أسقيت سم الأسود

أوحل أمر الله فينا عاجلا ... من يومنا في روحة أو في غد

فتقوم ساعتنا فنلقى طيبا ... محضا ضرائبه كريم المحتد

والله أسمع ما حييت بهالك ... إلا بكيت على النبي محمد

صلى الإله ومن يحف بعرشه ... والطيبون على المبارك أحمد

إن الصحابة كانوا يعرفون جيدا أن المحبة لا تثبت بالإيماء اللفظي وكيف وقد قال لهم ربهم: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (سورة آل عمران: 31).

ولذلك نراهم قاموا لآلاف السنين بأعمال تمثل بحق صدق الإسلام وإخلاص الصحابة وحب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

تدل أحوال الصحابة على ما كان في قلوبهم من توقير للرسول - صلى الله عليه وسلم - وإجلال له. فعن المغيرة كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرعون بابه بالأظافر.

وكذلك لا يرفع أحد منهم صوته فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك من تعليم الله لهم: {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} (سورة الحجرات: 2).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015