م - وفي مرضه الأخير أفاق قليلا، ولكنه قد بلغ من الضعف مبلغا لم يمكنه من الوقوف على قدميه إلا أنه مع ذلك يظل متحمسا للدعوة إلى الله كما كان قبلا. فيحمله عباس وعلي رضي الله عنهما إلى المسجد، لم يكن بمقدوره الصعود إلى المنبر ليكمل الدعوة إلى الله فيجلس على سلمه الأول ليكمل الدعوة إلى الله، فينصح الناس بمواعظه المودعة ويعظهم بنصائحه البليغة.
ن - وفي اليوم الأخير حين لم تبق لرحلته إلى الآخرة سوى خمس ساعات. المسلمون مجتمعون في المسجد لصلاة الفجر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لشدة ضعفه وصداعه مضطجع على فراشه الذي وطىء من ليف، إلا أن فريضة الدعوة إلى الله تبعث في قلبه الحرارة، فيكشف القناع الذي كان قد ضرب بين المسجد وحجرته، ويبتسم برهة ويشاهد ذلك المنظر: وقوف مئات المسلمين لعبادة إله واحد، بقلب واحد، ووجهة واحدة، ونداء واحد. ثم يتقدم إليهم متهاديا ويضرب لهم آخر مرة مثلا منيرا للدعوة إلى الله.
س - في آخر لحظات حياته وأزواجه وبناته وأسباطه كلهم مجتمعون في حجرة ضيقة لا تسع أكثر من عشرة رجال. في مثل هذه اللحظات يردد لسانه الدعوة إلى الله والترحم بالعباد فيقول: " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ".
ع - يلفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنفاسه الأخيرة فيرفع بصره إلى السماء، ثم ينطق بالاسم الطاهر الذي استمر طوال حياته يدعو إليه الناس. ويطبق عينيه عن الدنيا الفانية وهو يقول: " اللهم الرفيق الأعلى ".
إن التاريخ البشري عاجز عن الإتيان برجل قضى كل لحظة من لحظات حياته في الدعوة إلى الله، ولذا فإن الخطاب الرباني له " داعيا إلى الله " إنما هو خاص به وحده - صلى الله عليه وسلم - ولهذا السبب عرف الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بهذه الصفة.
ـ[سراجا منيرا]ـ
وصف الله الشمس بالسراج في سورة الفرقان وسورة نوح وفي سورة النبأ وصفها بالسراج الوهاج. أما السراج المنير فلم يستعمل لأحد سوى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
إن للشمس شأنا في النظام الشمسي، لأنها هي مركز الدائرة الذي تدور حوله