العدد المذكور أعلاه يدل على أنه قد ضحى بثمانية عشر وألف نسمة لتحويل العرب الوحوش إلى عرب متحضرين، والعرب الملحدين الوثنين إلى عرب مسلمين موحدين، وللقضاء على أحداث القتل والنهب وتعزيز الأمن العام في بلاد تفوق مساحتها مساحة فرنسا بضعفين وإحلال الأخوة والروحانية محل العداوة والبغضاء المتوارثة، وإثبات الشورى مكان الاستبداد. وبالعكس من ذلك انظروا إلى العدد الهائل الذي ذهب ضحية في كل من فرنسا وأمريكا في سبيل إنشاء ما يسمى بالديمقراطية، وانظروا إلى الدماء التي سفكت في إنكلترا لبناء ما يسمى بالبرلمان، وانظروا إلى الخسائر التي نتجت عن الحرب العالمية التي استمرت من 14 من شهر أغسطس سنة 1914م إلى 3 من شهر مارس سنة 1917م على معظم أجزاء العالم المتمدن. ذكر أن إنكلترا إنما كانت تهدف بهذه الحرب إلى تأمين حرية الحكومات الصغيرة وكيانها، ولهذا الهدف البسيط هلكت آلاف النفوس، وفنيت الأموال الطائلة، وغرقت مئات الطائرات في البحر وتدهورت التجارة العالمية، وفسدت مرافق الحياة ومظاهر الترف، ومع ذلك كله فإن الشعب الإنجليزي مستعد بعد للتضحيات تحقيقا للغرض المنشود (?).
وانظروا إلى مدى نجاح الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد ضحى بثمانية عشر وألف رجل فقط لتحقيق المصالح الروحية والخلقية والمادية والقومية التي لم تحققها أمة ولا دولة حتى اليوم.
دعونا من حروب رجال الدنيا، ولنذكر ما يسمى بالحروب المقدسة، فهذه حروب مهابهارت لا يقل عدد المقتولين فيها عن عشرة ملايين نسمة، وكذلك أهلكت الهيئات الدينية المقدسة في أوربا نفوسا يربو عددها على مئات الآلاف.
وقد ذكر المستر جان ديون بورت في كتابه ((- صلى الله عليه وسلمpology of Muhammad and Qu