{ويومئذ يفرح المؤمنون (*) بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم (*) وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (سورة الروم: 4 - 6)
•---------------------------------•
بدأت سلسلة الحروب ضد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين من قبل أعداء الإسلام حين هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة المنورة. وعاش النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى الإسلام ويعظ عبدة الأصنام والأوثان أصحاب العقائد ويدعوهم إلى توحيد الله وحده لا شريك له.
والدعوة إلى التوحيد هي التي أثارتهم فأبدوا عداءهم للمسلمين واتخذوا التدابير والوسائل المختلفة ليعرقلوا مسيرة الدعوة والإرشاد، فنظموا جماعة المستهزئين فكانت مهمتها الاستهزاء بكل ما يأتيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عمل والهمز واللمز، والوقوف أمام الناس القادمين إلى مكة، واستفزازهم ضد المسلمين، حتى لا يكلم أحد منهم رجلا من المسلمين، ولا يلاقي النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان لهذه الجماعة لجان تبذل كل منها جهودها لأداء مهمتها تلك، فكانت مهمة إحدى اللجان أن تحدث الضجيج، وتنشر الفوضى بين الناس إذا قام فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - واعظا داعيا إلى الإسلام.
بينما كانت مهمة لجنة أخرى أن تطرح على النبي - صلى الله عليه وسلم - الأقذار والأكدار إذا مر بها، وترميه بالحجارة وتضيق عليه الخناق إذا صلى، وتحفر في طريقه الحفر وتطرح أمامه الأشواك وتقذف على بابه الغائط في ظلمة الليل. هذا خلاف جماعة شريرة من الناس كانوا إذا سمعوا برجل أسلم أنبوه وعذبوه، وكانوا إذا تمكنوا من أحد أسلم قتلوه ورموا به في المغارات والكهوف.
فلما رأى المسلمون ما يصيبهم من البلاء خرجوا إلى أرض الحبشة ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يئس بعد من أن يهتدي هؤلاء القساة متحجرو القلوب، فبقي في مكة، ولكن أعداء الإسلام تعاهدوا على أن لا يبيع أحد منهم المسلمين وأنصارهم شيئا مما يؤكل. وقد تحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الشدة ثلاث سنوات متصلة، ثم بدأ رحلاته إلى القبائل في ضواحي مكة يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ولكنهم كانوا حلفاء قريش فلم يستجيبوا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وكان أهل مكة يفرحون لما يلاقيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من خذلان وفشل في أمره، ولكنهم تميزوا من الغيظ حين علموا بأن تعاليمه السمحة، بدأت تسحر قلوب أهل يثرب (المدينة) وأيقنوا أن فيها قوة مؤثرة إلى أبعد حد فأرادوا أن يطفئوا نور حياته.