كان أمر مكة في تلك الأيام بيد خزاعة، فزوج حليل رئيس مكة ابنته جبى من قصي وأعطاها حق ولاية البيت في نكاحها، وجعل أبا غبشان وليا لها. فلما هلك حليل، باع أبو غبشان قصي مفاتيح الكعبة بزق خمر، وصارت ولاية البيت إلى قصي، وأبت خزاعة أن تمضي ذلك لقصي فعند ذلك هاجت الحرب بينه وبين خزاعة، وكثرت القتلى في الفريقين جميعا. فحكموا يعمر بن عوف فقضى بينهم:
1 - بأن يدفع قصي دية كل من مات من بني خزاعة.
2 - وأن يترك بنو خزاعة أمر مكة، وأن يخرجوا منها، وأن يتولى أمرها قصي فجرى العمل بذلك (?).
فلما ولي قصي أمر مكة، جمع قومه من بني فهر من منازلهم إلى مكة، وكانوا حينئذ اثنى عشر فرعا كلهم نزلوا بمكة بجهود قصي.
وأخذت قريش (أولاد فهر) مأخذ الشرف والمجد في البلاد كلها.
وسمى قصي قصيا لأنه كان بعيدا عن بلده منذ صباه، وسمى مجمعا لأنه جمع شمل قبائل قريش، قال الشاعر القديم حذافة بن غانم (?):
قصي لعمري كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر
ولا يغبن عن البال أن المؤرخين غير المسلمين يغلون في بيان مآثر قصي ويقولون إنه هو الذي أقام الحكم على مبدأ الشورى ويقصدون بذلك بيان أن ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من تعاليم كانت شرحا لهذا المبدأ.