رحمه للعالمين (صفحة 179)

والأقرع بن حابس الحنظلي.

وننقل هنا فقرة من المعاهدة توضح كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - رحيما كريما مع النصارى مراعيا لحقوقهم:

"لنجران جوار الله وذمة محمد النبي على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وتبعتهم، وأن لا يغيروا مما كانوا عليه، ولا يغير حق من حقوقهم ولا ملتهم، ولا يغير كل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم ريبة، ولا دم جاهلية ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم الجيش ... الخ"

وأخذ هؤلاء المعاهدة وانطلقوا عائدين إلى نجران، وقدم الأسقف وبعض كبار أهل نجران للقائهم على بعد منزل فدفع الوفد إلى الأسقف بكتاب النبي، فأخذ يقرأه وهو يمشي، وإذا بناقة بشر تكبو به (وكان بشر بن معاوية يكنى بأبي علقمة) فتعسر بشر، فقال له الأسقف عند ذلك قد تعست والله نبيا مرسلا، فقال بشر، لا جرم والله لا أحل عنها عقدا حتى آتيه، قال هذا وغير وجهته وانطلق إلى المدينة، وتبعه الأسقف بناقته وراح يقول له: إنما قلت هذا لتبلغ عن العرب مخافة ألن يقولوا إنا أخذنا حمقة أو نخعنا لهذا الرجل بما لم تنخع به العرب ونحن أعزهم وأجمعهم دارا.

فقال بشر لا والله لا أقيلك ما خرج من رأسك أبدا، فضرب بشر ناقته وهو مول ظهره للأسقف وهو يقول:

إليك تعدو قلقا وضينها ... معترضا في بطنها جنينها

... مخالفا دين النصارى دينها ...

حتى قدم بشر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يزل معه حتى استشهد بعد ذلك، ولنرى حكاية بقية الوفد.

حين وصل الوفد نجران سمع أحد رهبان كنيسة نجران القصة كلها وأن نبيا بعث في تهامة، وأنه كتب إلى الأسقف، وأقبل الوفد بالكتاب إلى الأسقف فبينما الأسقف يقرأه وبشر معه كبت ببشر ناقته فتعسه، فشهد الأسقف أنه نبي مرسل فانصرف أبو علقمة نحو المدينة يريد الإسلام، وحاول الأسقف منعه ولم يستطع، فقد بدأ الراهب الذي سكن في أعلى برج الكنيسة لسنوات في الصياح والصراخ أنزلوني وإلا رميت بنفسي فأنزلوه فحمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015