ومثل هذا الإجراء الذي اتخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للدعوة إلى الإسلام لا نظير له في تاريخ الديانات السابقة، فلم يسبق لأحد من اتباع الديانات الأخرى اتخاذ مثل هذا الإجراء.
ولما كنا نحترم ونقدر داعي كل ديانة صادقة فإننا نستنتج من صمتهم وسكوتهم أن الدعاة كانوا يرون أن دينهم قاصر على أمتهم التي أرسلوا إليها (?) دون غيرها من الأمم، فلو خالف اليوم أتباعهم سلوكهم فهذا أمر خاص بهم هم ولا يمكن أن يكون حجة من الناحية الدينية.
في غرة محرم من السنة السابعة للهجرة أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - سفراءه حاملين رسائل الدعوة إلى الإسلام إلى ملوك العالم، وكان كل واحد منهم يعرف لغة القوم الذين أرسل إليهم حتى يمكنه القيام بالدعوة على أحسن وجه (?).
ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اتخذ خاتما بعد، فلما كتبت الرسائل إلى ملوك العالم صنع لهذا خاتم من فضة لدمغها به ونقش عليه "محمد رسول الله" (?)
ويفهم من هذه الرسائل أن ما أرسل منها إلى ملوك النصارى كان يكتب فيها بصفة خاصة الآية التالية:
{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ...} (3: 64).
1 - رسالة إلى ملك الحبشة:
حمل رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك الحبشة أصحم بن أبجر الملقب بالنجاشي، عمرو ابن أمية الضمري، وكان النجاشي نصرانيا، وننقل هنا هذه الرسالة عن الطبري: