وكان سعيد بن عامر رضي الله عنه (وهو من عمال عمر بن الخطاب على الشام) تصيبه أحيانا غشية، فسأله عمر الفاروق رضي الله عنه عن السبب فقال: ما بي من بأس ولكني كنت فيمن حضر خبيب بن عدي حين قتل وسمعت دعوته، فوالله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلسي قط إلا غشي علي.
وقد خدع أبو براء عامر بمثل ذلك أيضا، فقد قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلب منه أن يرسل معه بعض دعاة الإسلام إلى أهل نجد، وكان ابن أخيه رئيس نجد، وأكد عامر على أنه سيتولى حماية الدعاة، فأرسل معه النبي المنذر بن عمرو على رأس جماعة تتكون من سبعين صحابيا من خيار المسلمين فضلا وعلما وقراءة للقرآن، وحين وصلوا إلى بئر معونة وكانت منطقة بني عامر نزلوا هناك، ثم بعثوا بحرام بن ملحان بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عامر ابن طفيل الذي أمر بقتل السفير، وكان جبار بن سلمى هو الذي طعنه بالحربة من خلفه على إثر إشارة هذا الحاكم الظالم، فلما نفذت الحربة قال وهو يسقط "فزت ورب الكعب" ووقعت هذه العبارة في نفس القاتل وأثرت فيه حتى إنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعلن إسلامه.
وأمر الحاكم بقتل الدعاة كلهم جميعا، وقدم كعب بن زيد - الذي بقى على قيد الحياة ونجا بعد طعنه بالخنجر - فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما حدث.
وفي نفس العام الثامن من الهجرة اضطر المسلمون للهجوم على مكة في شهر رمضان وذلك لأن المعاهدة التي عقدتها قريش مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية سنة 6 هـ، كان من بين بنودها ما يلي:
"أن توضع الحرب عشر سنين فمن أحب أن يدخل في عهد الرسول وعقده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه" وبناء عليه دخلت بنو بكر في عقد قريش ودخلت خزاعة في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولم تمض سنتان على المعاهدة حتى هاجمت بنو بكر خزاعة وقامت قريش فأمدت بني بكر بالأسلحة، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا مثل عكرمة بن أبي