علي بن أبي طالب (رض) بمدينة فيروز شابور (الأنبار) خرج لاستقباله مار إسحاق رأس مثيبة فومبديثة بجمع غفير من اليهود يبلغ تسعين ألفا، لعرض الولاء والإخلاص، فأكرم أمير المؤمنين وفادته وأقره في منصبه وأعطاه الحقوق نفسها التي كان يتمتع بها جاثليق النصارى «1» .

واستمرت الحالة على هذا المنوال طوال أيام حكم الدولة الأموية في الشام. ولما تأسست الدولة العباسية وعمرت بغداد سنة 763 م.

(146 هـ.) انتقل إليها مقام رأس الجالوت ليكون على مقربة من قصر الخلافة، وظلت مدرستا سورا وفومبديثة توجهان اليهود في أمورهم الدينية. وقد أدرك اليهود عزا وبسطة في العيش في صدر الدولة العباسية، غير أن حالتهم ساءت كثيرا في خلافة المتوكل، إذ إنه أغلظ معاملة أهل الذمة وأجبرهم على لبس الغيار.

ومنذ ذلك الحين انحط مقام رأس الجالوت وتسرب الضعف إلى مدرستي سورا وفومبديثة «2» وألغى نظام الوراثة في تعيين رأس الجالوت وتدخل الغاؤونيم في أمر انتخابه فنشبت من جراء ذلك قلاقل وفتن كثيرة بين اليهود أنفسهم ساعدت على تردي أحوالهم.

وقد زادت الحالة سوءا بعد الانحطاط الذي عانته الخلافة العباسية من تدخل الأمراء المتغلبين. فقد مرت بالعراق شدائد ومحن في حكم البويهيين والسلاجقة، ولحق باليهود ما لحق بسائر سكان البلاد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015