(792- 942) بشدة بلائه في إفحام القرائين ودحض مفترياتهم على التلمود وأحكامه.
غير أن هذه المعارك المنطقية، وكان للرّابيّين فيها اليد الطولى، لم تحل دون انتشار القرائية واشتداد ساعدها. فقد امتدت فروعها من فلسطين إلى سورية وأصبح لها في العراق أتباع وأشياع. واتجهت نحو الشرق، فكان لها في خراسان والجبل دعاة وأنصار. ثم بلغت شواطيء البوسفور وانتقلت إلى شبه جزيرة القرم. أما في الغرب فاستوطنت مصر وإسكندرية، ومنها تسربت إلى إسبانية سنة 950 م. وقد بلغ من انتشارها في مصر أن أصبح القراؤون فيها في القرن الثالث عشر للميلاد (السابع للهجرة) يفوقون الرّابيّين عدا. أما في إسبانية فقد أثار انتشار بدعة القرائية بين يهودها ضجة كبيرة فاشتد الكفاح وعظمت الفتنة بين الفريقين. فرفع كبير اليهود يهوذا بن عزرا الشكوى من القرائين إلى الأذفنش (الفونسو) ملك قشتالة، فأصدر الأمر بطرد القرائين (1150- 1157 م) .
وفي القرن الرابع عشر بلغت القرائية أوروبة الشمالية؛ فصار لها أتباع على شواطيء البلطيق في لتوانية. ونشأت طائفة منهم في تروكي من أعمال فلنو في بولندة، بقيت محتفظة بكيانها حتى أواخر القرن الثامن عشر. ثم ظهرت طائفة منهم في غاليسية وفلهينية. أما في القرم فقد نبه شأن القرائين وظهر بينهم الأدباء والعلماء والمؤرخون.
وعندما ضمت روسية القيصرية إقليم القرم إلى إمبراطوريتها سنة 1783 م. أعلن القراؤون أنهم لا يرتبطون واليهود بصلة قرابة أو دين